للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كيسان، وضحك مع القوم، وضحك أبو طالب المفضّل بن سلمة بن عاصم وبرمة [١]، ومن حضر مثل القاسم بن الأنبارىّ، وتضاحكوا واشتهروا وهو ساكت؛ كأنه حجر.

ثم خرج أبو العباس، فلما جلس قال له ابن كيسان: يا سيدى الجدّ: الشطّ! فما نطق حتى لبس نعليه، ورجع، وجاءنا ومعه كتاب من جلود، قد أتت عليه الدهور، فقال خذوا، فأملى: «أما الشّطّ فهو فيه الجدّ والجدّ والجدّ». ورفع بها صوته- فبلغ أبو موسى السماء، وصار هؤلاء فى الحضيض، ثم قال لهم: قليلا قليلا حتى ينصرف الشّيخ، فلما قام أبو العباس وخلا معهم التفت إلى المعبدىّ وقال:

أليس حدّثتنى أمس أنّك كنت فى الحمام فنمت، فجاء شيخ خضيب فعلاك! ثم التفت إلى ابن كيسان ثم قال له: أنت تتكلم مع الناس فى العلم! أليس كان بندار [٢] يعفجك! ثم التفت إلى أبى طالب المفضل بن سلمة وقال له: وأنت أيضا! قد كنت أظنّ أنك تفلح، وأنك تكون بعض ندماء الخلفاء، ولكن كيف أظنّ بك هذا وأبوك ما كان يحسن حرفا واحدا من النحو، فكيف تفلح أنت! والتفت إلى الأنبارىّ فقال له: يا أنبارىّ، حدّثنى فلان العسكرىّ أنه كان لك ميزان فى كمّك، فسنجة لك وسنجة للمستقبض، وأنك كنت تعبر إلى النّبط فتؤاجر فى بيوت الخمارين، ثم التفت إلى ابن الخضر ثم قال له: أنت أيضا، يا مسخ تصحب هذا السيد منذ خمسين سنة ما سألته قط إلا عن المؤنث!


[١] هو محمد بن جعفر الصيدلانى المعروف ببرمة، تقدمت ترجمته للمؤلف فى هذا الجزء ص ٨١.
[٢] هو بندار بن عبد الحميد، تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الأول ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>