للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر على أن يحضر اليزيدىّ في الباب، إذا جلس المأمون للشرب، وعنده ندماؤه، ويكتب رقعة يطلب فيها الدخول، أو إخراج بعض الندماء إليه، فلمّا جلس المأمون حضر اليزيدىّ الباب، ودفع إلى الخادم رقعة مختومة، فأدخلها إلى المأمون، ففضّها فإذا فيها مكتوب:

يا خير إخوان وأصحاب ... هذا الطفيلىّ على الباب

فصيّرونى واحدا منكم ... أو أخرجوا لى بعض أصحابى

فقرأها المأمون على من حضره، قال: ما ينبغى أن يدخل مثل هذا الطفيلىّ على مثل هذا الحال، فأرسل إليه المأمون: دخولك في مثل هذا الوقت متعذّر، فاختر لنفسك من أحببت أن تنادمه. فأدّيت الرسالة إليه، فقال: ما أرى لنفسى اختيارا غير عبد الله بن طاهر، فقال له المأمون: قد وقع الاختبار عليك، فصر إليه. قال: يا أمير المؤمنين، فأكون شريك الطفيلىّ! قال: ما يمكننى ردّ أبى محمد عن أمره، فإن أحببت أن تخرج إليه، وإلا فافتد نفسك منه، قال: له علىّ عشرة آلاف درهم، قال: لا أحسب ذلك منك يقنعه عن مجالستك، فلم يزل يزيد عشرة آلاف، عشرة آلاف، والمأمون يقول له: لا أرضى له بذلك، حتى بلغ مائة ألف درهم، فقال له المأمون: فعجلّها، فكتب بها إلى وكيله، ووجّه رسولا، وأرسل إليه المأمون: قبض هذه في مثل هذا الحال أصلح لك من منادمته على مثل حاله.

توّفى أبو محمد اليزيدىّ في سنة اثنتين ومائتين في خلافة المأمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>