للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلها ألف درهم. وكان يعقوب قد خرج قبل ذلك إلى سرّ من رأى، وذلك فى أيّام المتوكّل على الله، فصيّره عبد الله بن يحيى بن خاقان عند المتوكل، فضمّ إليه ولده، وأسنى له الرزق.

قال أبو عمر اللّغوىّ [١]: سمعت ثعلبا- وقد ذكر يعقوب بن السّكّيت- فقال: ما عرفنا له خزية قطّ.

قال الطوسىّ: كنّا في مجلس علىّ اللّحيانىّ، وكان عازما أن يملى نوادره ضعف ما أملى: فقال يوما: تقول العرب: «مثقل استعان بذقنه [٢]»، فقام إليه ابن السكيت، وهو حدث فقال يا أبا الحسن، إنما هو: تقول العرب:

مثقل استعان بدفّيه [٣]، يريدون: الجمل إذا نهض بالحمل استعان بجنبيه، فقطع الإملاء.

فلما كان في المجلس الثّانى، قال: تقول العرب: «هو جارى مكاشرى»،


[١] هو محمد بن عبد الواحد بن أبى هاشم الزاهد، المعروف بغلام ثعلب. تقدمت ترجمته للمؤلف فى الجزء الثالث ص ١٧١.
[٢] الذقن: مجتمع اللحيين من أسفلهما.
[٣] كذا ورد الخبر في الأصول ونزهة الألباء والتصحيف والتحريف ٣١ وفي اللسان- ذقن:
«وفي المثل: مثقل استعان بذقنه، وصحفه الأثرم على بن المغيرة بحضرة يعقوب فقال: مثقل استعان بدفيه، فقال له يعقوب: هذا تصحيف؛ إنما هو استعان بذقنه: فقال له الأثرم: إنه يريد الرياسة بسرعة، ثم دخل بيته». وقال صاحب شرح التصحيف والتحريف بعد أن أورد الخبر موافقا لما فى الأصل: «أما قول يعقوب: فلان مكاسرى؛ بسين غير معجمة؛ فهو كما قال. وقد وهم فيه النحيانى. وأما قوله: «بدفيه»، فقد ظلمه يعقوب في ردّه عليه، فقد رواه أكثر الكوفيين «بذقنه» بالقاف والنون. ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام مثل ذلك أيضا. وإنما أرادوا أن البعير إذا أراد أن ينهض استعان بعنقه وذقنه، ومن هذا قيل: ناقة ذقون، وهى التى يرجف ذقنها في سيرها؛ وتقول العرب: لألصقنّ حواقنه بذواقنه، أى أعلاه بأسفله».

<<  <  ج: ص:  >  >>