للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلك إلى خوارزم في جيحون، وصادفه وهو في خوارزم خروج التّتر [١]، فانهزم بنفسه، كبعثه يوم الحشر من رمسه، وقاسى من القلة والتعب وتشعب الحال ما كان يكلّ عن وصفه، ووصل إلى الموصل، وقد تقطّعت به الأسباب، وأعوزه دنىء المآكل وخشن الثّياب، وتلزّم [٢] بالموصل مدّة، ثم رحل إلى سنجار، ومن سنجار إلى حلب [٣].

ولمّا وصل دخل علىّ في حالة يسوء منظرها، ووصف من أمره أمورا لا يسرّ مخبرها. وقال: قد ألقيت عصاى ببابك، وخيّم أملى بجانب جنابك، فقلت في جوابه: أقاسمك العيش، وسألت الله أن يرزقنى الثبات على خلقه لا الطّيش، فإنّ أخلاقه خلقة، ومخاريقه منخرقة، ولا أقع من دينه من حيث القاذورات، وإنما من حيث تصرّفه الموجب له التفرّق والشّتات، فأقام مشاركا [فى] [٤] المعلوم، باذلا له كتب العلوم، فلفّق منها مجموعات لم يكّملها، ونسخ وباع في عدّة سنين أقامها عندى، محمول الكلفة، بحكمة اقتضاها حاله، وسافر ببضاعة من الخام إلى مصر، فأربحته ربحا قريبا، وعاد بمعمول مصر، فأربح فيه، وأقام بالخان ظاهر حلب، فمرض ومات به في العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة رحمه الله.


[١] في ابن خلكان: «وذلك سنة ست عشرة وستمائة».
[٢] كذا في الأصلين، وفي ابن خلكان: «أقام».
[٣] من أول الترجمة إلى هنا، نقله ابن خلكان من غير نسبة، مع تصرف قليل في العبارة.
[٤] من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>