للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل موته أوصى بأوراقه ومجموعاته إلى العزّ ابن الأثير الموصلىّ [١]، وكان مقيما بحلب، وعهد إليه أن يسيّرها إلى وقف الزيدىّ [٢] ببغداد، ويسلّمها إلى الناظر فيه الشيخ عبد العزيز بن دلف. واحتاط [٣] نواب الأيتام على ماله، إلى أن حضر ولد سيّده من بغداد، بكتاب حكمىّ وتسلّم ما خلّفه.

وأما ابن الأثير فإنّه تصرف في الكتيبات التى له، والأوراق المجمّعة التى بخطّه تصّرفا غير مرضىّ ولم يوصّلها بعد أن حصل بالموصل إلى الجهة المعيّنة برسمها، بل فرّقها على جماعة، أراد انتفاعه بهم وبها عندهم، ولم ينفعه الله بشىء من ذلك، ولم يتملّ منها بأمل ولا مال، وقطع الله أجله، بعد أن قطع من الانتفاع بتفرقتها أمله، فاكتسب خزى الدّنيا وعذاب الآخرة. وبلغنى أنّ خبرها وصل إلى بغداد، وأنّهم طالبوه من هناك بتسييرها إلى محلّ وقفها، فسيّر بعضها وأعرض عن بعض، فنعوذ بالله من سوء القضاء والقدر! وقد كان عند مقامه بالموصل عائدا من بلاد العجم، كتب إلىّ رسالة يذكر فيها حاله، ويصف ضمنها اختلاله، ووجدتها عندى بخطّه، فألحقتها تلو هذه الوجهة، لينسخها من يروم نقل هذا الكتاب.


[١] هو أبو الحسن على بن محمد بن محمد بن عبد الكريم، الملقب عز الدين والمعروف بابن الأثير الجزرى صاحب التاريخ الكبير المعروف بالكامل، ابتدأ فيه من أول الزمان إلى آخر سنة ثمان وعشرين وستمائة؛ وصاحب كتاب اللباب في الأنساب. توفي سنة بالموصل سنة ٦٣٠. ابن خلكان ١: ٣٤٧.
[٢] ابن خلكان، «وكان قد وقف كتبه على مسجد الزيدى الذى بدرب دينار ببغداد، وسلمها إلى الشيخ عز الدين أبى الحسن بن الأثير صاحب التاريخ الكبير».
[٣] ب: «وأحاط».

<<  <  ج: ص:  >  >>