للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن سلّام: مرّ أبو عمرو بن العلاء بمجلس قوم، فقال رجل من القوم:

ليت شعرى، فمن هذا؟ أعربىّ اليوم أم مولى؟ وهو على بغلة له، فقال: النسب فى مازن: والولاء في العنبر، وقال: عدس [١] للبغلة، ومضى.

وقال يحيى بن معين: معاذ بن العلاء، أخو عمرو، ولهم أخ آخر يقال له أبو سفيان بن العلاء، ثقة، وهم من خزاعىّ بن تميم، وقدما إلى الكوفة، وأخذ النّاس عنهما، وكان لهما بنون. وتوفّى أبو عمرو سنة أربع وخمسين. هذا كلّه قول يحيى بن معين.

وسأل رجل أبا عمرو بن العلاء حاجة فوعده بها، ثمّ إنّ الحاجة تعذّرت على أبى عمرو، فلقيه الرجل بعد ذلك، فقال له: يا أبا عمرو، وعدتنى وعدا فلم تنجزه، فقال له أبو عمرو: فمن أولى بالغمّ؟ أنا أو أنت؟ قال الرجل: أنا، قال أبو عمرو: لا، بل أنا والله، قال: وكيف ذلك أصلحك الله! قال: لأنّى وعدتك وعدا، فأنت بفرح الوعد، وأنا بهمّ الإنجاز، وبتّ ليلتك فرحا مسرورا، وبتّ ليلتى مفتكرا مهموما، ثم عاق القدر عن بلوغ الإرادة، فلقيتنى مدلّا، ولقيتك محتشما.

وقال العريان بن أبى سفيان بن العلاء: كنت عند عمّى أبى عمرو، فأتاه أكّار له، فأخبره عن أرض بما كره، فقال:

قرعت مروتى الحوادث حتّى ... ما أبالى أكثرت أم أقلّت

ولأبى العلاء أولاد، منهم ولد يقال له بشر: قال بشر: لما حضرت والدى الوفاة جزعت، فقال: يا بنىّ لا تجزع، فإنّك لم تمت أباك، إنما أفنيته.

قال الأصمعىّ: قال أبو عمرو بن العلاء: لقد علمت من النّحو ما لم يعلمه الأعمش [٢]، وما لو كتب لما استطاع أن يحمله.


[١] عدس، اسم فعل يقال في زجر البغل أو الحمار.
[٢] كذا في الأصل. وفي ب: «الا، الأعمش» ٩، والأعمش هو سليمان بن محمدان الأسدى.
كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض. توفى سنة ١٤٨. ابن خلكان ١: ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>