للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأزهرىّ: «قلت أنا: قد اعترف البشتىّ بأنّه لا سماع له فى شىء من هذه الكتب، وأنه نقل ما نقل إلى كتابه «١» [من صحفهم «٢»]، واعتلّ «٣» بأنه لا يزرى ذلك بمن عرف الغثّ من السمين. وليس كما قال، لأنه اعترف بأنه صحفىّ، «٤» [والصّحفىّ] «٥» إذا كان رأس ماله صحفا قرأها، فإنه يصحّف فيكثر؛ وذلك أنه يخبر عن كتب لم يسمع «٦» بها، ودفاتر لا يدرى: أصحيح ما كتب فيها أم لا! وإنّ أكثر ما قرأنا من الصّحف الّتى لم تضبط بالنقط «٧» الصحيح، ولم يتولّ تصحيحها أهل المعرفة لسقيمة لا يعتمد عليها «٨» إلا جاهل.

وأما قوله: إن غيره من المصنّفين رووا فى كتبهم عمّن لم يسمعوا منه، مثل أبى تراب والقتيبىّ «٩» فليس رواية هذين الرجلين عمّن لم يرياه حجة له، لأنهما وإن كانا لم يسمعا من كلّ من رويا عنه فقد سمعا من جماعة من الثقات المأمونين؛ فأما أبو تراب فإنه شاهد أبا سعيد الضّرير سنين كثيرة، وسمع منه كتبا جمّة، ثم رحل إلى هراة، فسمع من شمر بعض كتبه. هذا، سوى ما سمع من الأعراب الفصحاء لفظا، وحفظه عن أفواههم خطابا، فإذا ذكر رجلا لم يره، ولم يسمع منه سومح فيه، وقيل: لعلّه حفظ ما رأى له فى الكتب من جهة سماع ثبت له، فصار قول من لم يره تأييدا لما كان سمعه من غيره، كما يفعل علماء المحدّثين، فإنهم إذا صحّ لهم فى الباب حديث رواه لهم الثقات أثبتوه واعتمدوا عليه، ثم ألحقوا به ما يؤيّده من الأخبار التى أخذوها إجازة.

<<  <  ج: ص:  >  >>