للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو العباس محمد بن يزيد النحوىّ، فقال أخى: قد حضر هذان الشيخان، وإنى أودّ أن أعلم أيّهما أعلم، فاجلس فى الدار الفلانية، واجمع بينهما، واسمع كلامهما.

قال: ففعلت ذلك، وتناظرا، ثم عدت إلى أخى، فسألنى عن أمريهما، فقلت:

لمّا شرعا فى النظر شاركتهما فى فهم ما قالا، ثم دقّقا، فلم أفهم من كلامهما الدقيق شيئا، وما يعلم أيّهما أفضل إلا من هو أعلم منهما «١». فقال أخى: إنصافك أدقّ من كلامهما.

وسئل أبو بكر بن السّراج- رحمه الله: أيّهما أعلم؟ فقال: ما أقول فى رجلين، العالم بينهما! ولما مات المبرّد- رحمه الله- وقف رجل على حلقة أبى العبّاس أحمد ابن يحيى ثعلب، وأنشد:

بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقى نصفه فسيخرب

مات المبرّد وانقضت أيامه ... ومع المبرّد سوف يذهب ثعلب

وأرى لكم أن تكتبوا ألفاظه ... إذ كانت الألفاظ فيما تكتب «٢»

وذكر أن رجلا سأل ثعلبا عن مسألة فقال: لا أدرى، فقال: مثلك يقول: لا أدرى! فقال: لو أنّ لأمّك عدد ما للا أدرى بعرا لاستغنت «٣».

وقال ابن عبد الملك التاريخىّ «٤»: ثعلب فاروق النحويين، والمعاير على اللّغويين من الكوفيين والبصريين؛ أصدقهم لسانا، وأعظمهم شأنا، وأبعدهم ذكرا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>