للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان محمد بن عبد الله بن طاهر قد أجرى على ثعلب كما ذكرنا فى كلّ شهر ألف درهم، وعلى خليفته خمسمائة درهم، وعلى ختنه ثلاثمائة درهم.

قال ثعلب: سألنى محمد بن زياد الأعرابىّ- رحمه الله: كم لك من الولد؟

فقلت: ابنة، وأنشدته «١»:

لولا أميمة لم أجزع من العدم ... ولم أجب فى الليالى حندس الظّلم «٢»

تهوى حياتى وأهوى موتها شفقا ... والموت أكرم نزّال على الحرم

وكان ثعلب لا يكاد يجتمع مع المبرّد فى مجلس، للسبب الذى تقدّم ذكره، فإذا تلاقيا فى الطريق تواقفا وتساءلا- رحمهما الله.

وكانت بنت أبى العباس قد استهلكت له ألف دينار من ألفى دينار، فطالبها بذلك أشدّ مطالبة، وأغلظ لها، وجمع عليها أصحابه، وناظرها بحضرتهم، فقالت له من وراء السّتر: أنت أعرف بموضع الدنانير، كان الوقت صيفا كما علمت، وكنت تخرج عنا بكرا «٣»؛ فإذا انتصف النهار ترجع إلينا؛ فتخلع ثيابك، وتقول: عندكم شىء نأكله؟ فتخرج إليك الجارية مائدة، عليها أرغفة سميذ؛ وقطعة من جدى أو دجاجة، أو بذج «٤»، وفضلة من جام «٥»، حلواء، فتأكل من ذلك، ولا تقول: من أين لكم هذا، فلا يزال ذلك دأبك، ولا تسأل عمّا يقدّم إليك، ولا عمّا ترى من الفاكهة والطّيبات؛ يا أصحابه، قولوا له: تلك الدنانير ذهبت فيما كنت تأكله ولا تسأل عنه؛ نأكل ونطعمك. فافترقا، وقد أوجبت عليه الحجّة، ولم يصل منها إلى درهم واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>