وورث أموالا كثيرة، فأنفقها على طلب الحديث. ومن زهده أنّه ما احتفل فى ملبسه ولا فى مأكله يوما قطّ، ولا شكا مرضا يجده إلى أحد من أهله. وأقام سنين ينظر بفرد عين، وما أعلم أحدا بذلك، وأفنى من عمره ثلاثين سنة لا يأكل سوى رغيفين؛ إن جاءته أمّه وأخته بهما، وإلا بات جوعان «١». واقتنع ثلاثين أخرى برغيف فى كلّ يوم، إن جاءه أكل، وإلا بات جوعان، وربّما مشى قطعة من زمانه بنصف رغيف وأربع عشرة تمرة.
وغابت امرأته عنه عند بنته زائرة لمرضها، فكانت مؤنته فى الشهر بدرهم ودانقين «٢» ونصف. واشترى صابونا، ودخل الحمام بدانقين، فقامت نفقة الشهر- وهو رمضان- بدرهم وأربعة دوانق [ونصف].
وقال:«٣» ما كنا نعرف من هذه الصّباغ «٤» شيئا سوى باذنجانة مشوية، أو لعيقة بنّ، «٥» أو باقة فجل. وما تروّح بمروحة قط، ولا روّح، ولا أكل من شىء واحد فى يوم مرتين.
وجاء إنسان «٦» إلى إبراهيم الحربىّ يشكو إليه ضائقة أدركته؛ فقال له إبراهيم:
لا تقنط؛ فإن مع العسر يسرا، ولقد ضقت مرة حتى عدمنا القوت، فقالت لى امرأتى: إن الصبيّين لا يصبران على ما نصبر عليه، فأعطنى شيئا من كتبك