بأجرة إلا على قدرها- فقال لى: أىّ شئ صناعتك؟ قلت: ألخرط الزجاج، وكسبى فى كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، واريد أن تبالغ فى تعليمى، وأن أعطيك كلّ يوم درهما، وأشرط لك أنى أعطيك إياه أبدا، إلى أن يفرق الموت بيننا: استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه.
قال: فلزمته، وكنت أخدمه «١» فى أموره مع ذلك، فأعطيه الدرهم، فينصحنى فى العلم حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بنى مارمة «٢» من الصّراة «٣»، يلتمسون معلّما نحويّا لأولادهم، فقلت: أسمنى لهم، فأسمانى، فخرجت، فكنت أعلّمهم، وأنفذ إليه فى كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقّده بعد ذلك بما أقدر عليه.
ومضت مدة على ذلك، فطلب منه عبيد الله بن سليمان «٤» مؤدّبا لابنه القاسم.
فقال له: لا أعرف لك إلا رجلا زجّاجا بالصّراة، مع بنى مارمة. قال: فكتب إليهم عبيد الله، فاستنزلهم عنى، فنزلوا له، فأحضرنى، وأسلم القاسم إلىّ. فكان ذلك سبب غناى، وكنت أعطى المبرّد ذلك الدرهم فى كلّ يوم إلى أن مات، ولا أخليه من التفقّد معه بحسب طاقتى.
وحكى أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عيّاش القاضى: حدثنى أبو إسحاق الزّجاج قال: كنت أؤدّب القاسم «٥» بن عبيد الله فأقول له: إن بلّغك الله مبلغ أبيك، وولّيت الوزارة ماذا تصنع بى؟ فيقول: ما أحببت، فأقول له: تعطنى عشرين ألف