وسافر عن بغداد فى شبابه. وآخر ما كان بها فى سنة ثلاث وستين وخمسمائة، ودخل حلب، واستوطنها مدّة، وصحب بها بدر الدين حسن بن الداية النووىّ واليها، وكان يبتاع الخليع «١» من الملبوس، ويسافر به إلى بلد الروم، ويعود إلى حلب. ثم انتقل إلى دمشق، وصحب الأمير عز الدين فرّخشاه بن شاهنشاه بن أيوب، «٢» ابن أخى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وتقدّم عنده، واختص به، وسافر فى صحبته إلى الديار المصرية، واقتنى من كتب خزائنها- عند ما أبيعت فى الأيام الناصرية- كلّ نفيس، على قلّة ما ابتاعه.
وعاد إلى دمشق واستوطنها، «٣» وقصده الناس، ورووا عنه. وكان ليّنا فى الرواية، معجبا بنفسه فيما يذكره ويرويه ويقوله، وإذا نوظر جبّه بالقبيح، واستطال بغير الحقيقة. ولم يكن موفّق القلم فيما يسطّره «٤»، وقد رأيت له أشياء قد ذكرها لا تخلو من برد فى القول وفساد فى المعنى واستعجال فيما يخبر به.
ولقد أخبرنى بعض أهل الأدب من أهل حلب قال: حضرت عنده، وجرت مسألة، فقال فيها الخطأ، فقلت: قد قال فيها ابن جنّى كذا، فقال: ما قال بهذا