قال الأخفش «١»: فلما دخل إلى شاطئ البصرة وجّه إلىّ فجئته، فعرّفنى خبره مع البغداذىّ، وودّعنى ومضى إلى الأهواز، فتزوّدت وجلست فى سمارية «٢» حتى وردت بغداذ، فوافيت مسجد الكسائىّ، فصلّيت خلفه الغداة، فلما انفتل من صلاته، وقعد فى محرابه- وبين يديه الفرّاء والأحمر وهشام وابن سعدان- سلّمت عليه، وسألته عن مائة مسألة، فأجاب بجوابات خطّأته فى جميعها.
فأراد أصحابه الوثوب علىّ، فمنعهم من ذلك، ولم يقطعنى ما رأيتهم عليه ممّا كنت فيه.
فلما فرغت من المسائل قال لى الكسائىّ: بالله أنت أبو الحسن سعيد ابن مسعدة الأخفش؟ قلت: نعم، فقام إلىّ، وعانقنى وأجلسنى إلى جانبه، ثم قال لى: أولادى أحبّ أن يتأدّبوا بك، ويخرّجوا «٣» على يديك، وتكون معى غير مفارق لى. وسألنى ذلك فأجبته، إليه.
فلما اتصلت الأيام بالاجتماع، سألنى أن أؤلف له كتابا فى معانى القرآن، فألفت كتابى فى المعانى، فجعله إماما، وعمل عليه كتابا فى المعانى، وعمل الفرّاء كتابه فى المعانى عليهما. وقرأ عليه الكسائىّ كتاب سيبويه، ووهب له سبعين دينارا.
قال أبو حاتم سهل بن محمد السّجستانىّ- رحمه الله-: وأخذ الأخفش كتاب أبى عبيدة فى القرآن، فأسقط منه شيئا، وزاد شيئا، وأبدل منه شيئا، قال: فقلت له: