وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: أوّل من أملى غريب كل بيت من الشعر تحته الأخفش- وكان ببغداذ- والطوسىّ مستمليه. قال: ولم أدركه؛ لأنه قبل عصرنا. وكان يقال له: الأخفش الراوية. وتوفى سنة خمس عشرة ومائتين.
أنبأنى الشريف النقيب محمد بن أسعد النحوىّ الجوّانىّ «١»، أخبرنا عبد السلام ابن مختار اللغوىّ عن ابن بركات السعيدىّ، أخبرنا محمد بن سهل الهروىّ، أخبرنا محمد بن الحسين اليمنىّ «٢» من كتابه قال: «أخبرنى أبو العباس أحمد بن محمد بن الوليد قال: أخبرنا أبو إسحاق الزّجّاج عن المبرّد قال: سعيد بن مسعدة مولى بنى مجاشع؛ وهو من أهل بلخ- وكان أجلع فيما أخبرنا به عن أبى حاتم- والأجلع: الذى لم تنطبق شفتاه. وكان يقول بالعدل».
قال أبو العباس المبرّد: أخبرنى المازنى قال: كان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل، وكان غلام أبى شمر، وكان على مذهبه.
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: حدّثنى سعيد بن سلم قال: دخل الفرّاء على سعيد بن سلم، فقال: قد جاءكم سيد أهل اللغة، وسيد أهل العربية. فقال الفرّاء:
أما مادام الأخفش- يعنى سعيد بن مسعدة- يعيش فلا.
والأخفش أحذق أصحاب سيبويه، وهو أسنّ منه، ولقى من لقيه من العلماء إلا الخليل. والطريق إلى كتاب سيبويه الأخفش؛ وذلك أن كتاب سيبويه لا يعلم أحد قرأه على سيبويه، ولا قرأه عليه سيبويه؛ ولكنه لما مات قرئ على الأخفش فشرحه وبينه. ولم يكن أيضا ناقصا فى اللغة. وله كتب مستحسنة.