للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وآخرين على إعرابهم طبعوا

وبين قوم رأوا شيئا معاينة ... وبين قوم رأوا بعض الذى سمعوا

قال الأخفش سعيد بن مسعدة: كان أمير البصرة يقرأ: (إنّ الله وملائكته يصلّون) «١» بالرفع، فيلحن، فمضيت إليه ناصحا له، فزبرنى «٢» وتوعّدنى، وقال:

تلحّنون أمراءكم!.

ثم عزل وولى محمد بن سليمان، فكأنه تلّقاها من فم المعزول. فقلت فى نفسى: هذا هاشمىّ، ونصيحته واجبة، فخشيت أن يلقانى بما لقينى به الأوّل، ثم حملت نفسى على نصيحته، فصرت إليه وهو فى غرفة، ومعه أخوه والغلمان على رأسه؛ فقلت: أيها الأمير، جئت لنصيحة، قال: قل، قلت:

هذا- وأومأت إلى أخيه- فلما سمع ذلك قام أخوه، وفرّق الغلمان عن رأسه- وأخلانى- فقلت: أيها الأمير، أنتم بيت الشرف وأصل الفصاحة، وتقرأ:

(إنّ الله وملائكته) بالرفع، وهذا غير جائز، فقال: قد نصحت ونبهت، فجزيت خيرا، فانصرف مشكورا. فلما صرت فى نصف الدّرجة إذا الغلام يقول لى:

قف مكانك، فقعدت مروّعا، وقلت: أحسب أن أخاه أغراه بى؛ فإذا بغلة سفواء «٣» وغلام وبدرة وتخت «٤» ثياب وقائل يقول: البغلة والغلام والمال لك، أمر به الأمير. فانصرفت مغتبطا بذلك «٥».

<<  <  ج: ص:  >  >>