قال تاج الإسلام أبو سعيد عبد الكريم بن محمد المروزىّ «١»: سمعت أبا القاسم على بن الحسين بن هبة الله «٢» الحافظ الدّمشقى من لفظه بدمشق يقول: سمعت سعيد ابن المبارك بن الدّهان بنهر طابق ببغداذ يقول: رأيت فى النوم شخصا أعرفه، وهو ينشد شخصا كأنه حبيب له:
أيها الماطل دينى ... أملّى وتماطل
علّل القلب فإنّى ... قانع منك بباطل
قال: فرأيت سعيد بن المبارك بن الدّهان، وعرضت عليه هذه الحكاية، فقال: ما أعرفها. ولعل ابن الدهان نسى. وأبو القاسم على بن القاسم الدمشقى من أوثق الرواة، جمع له الحفظ والمعرفة.
قلت: وقد سمعت من يذكر عمّن حضر هذه الحكاية أن ابن الدّهان استملاها من ابن السمعانىّ. وقال: أخبرنى ابن السمعانىّ المروزىّ قال: أخبرنى أبو القاسم بن عساكر الدمشقىّ عنى أنى أخبرته ... وساق باقى الحكاية؛ فكأنما روى عن رجلين عن نفسه، وهو أغرب ما وقع فى طريق الرواية.
ومن شعر سعيد بن المبارك بن الدّهان:
أهوى الخمول لكى أظلّ مرفّها ... مما يعانيه بنو الأزمان
إن الرياح إذا عصفن رأيتها ... تولى الأذيّة شامخ الأغصان
وأنشد سعيد بن المبارك النحوىّ لنفسه:
بادر إلى العيش والأيام راقدة ... ولا تكن لصروف الدهر تنتظر
فالعمر كالكأس يبدو فى أوائله ... صفو وآخره فى قعره كدر