ودخل أعرابى مسجد البصرة، فتفقد أبا حاتم- وكان يختلف إليه- فأعلم بموته، فقال «١»:
يا بانى الدّنيا للذّاته ... أعظم بذكر الموت من هادم
أما ترى الإخوان قد سارعوا ... بقادم منهم على قادم
ومرّ من قد كنت تزهى به ... ولست مما ذاق بالسّالم
وليس نقص الأرض من جاهل «٢» ... مات ولكن ذاك من عالم
أما العراقان «٣» فقد أقفرا ... لحادث حلّهما قاصم
من كان للخطبة يعنى بها ... وللغريب المشكل القائم
[قد ذهب العلم بأعلامه ... والنحو من بعد أبى حاتم «٤»]
من للدواوين «٥» إذا حصّلت ... وكتب أملاك بنى هاشم
مفتاح قفل ضلّ مفتاحه ... ولؤلؤ «٦» يبقى بلا ناظم
يا مسجد البصرة لم تبكه ... بواكف من دمعك السّاجم
قال أبو بكر بن دريد: مات أبو حاتم بالبصرة فى رجب سنة خمس وخمسين «٧» ومائتين ودفن بسرّة المصلّى، وصلى عليه سليمان بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب- وكان والى البصرة يومئذ.