فيما اعتذر به إليهم أن قال: إن الله يرميه لقطيعته الرحم وسرعته إلى الظلم. فقال أبو الأسود: والله لا أجاور رجلا يقطع رحمى، ويكذب على ربّى، ولو رمانى الله لأصابنى.
فباع داره واشترى دارا له فى هذيل، فقال له قومه: يا أبا الأسود، بعت دارك: فقال لم أبع دارى وإنما بعت جارى؛ فأرسلها مثلا، ولذلك قيل:«الجار قبل الدار». ومن أبى الأسود أخذ مالك قوله:«تركت الدار من سوء الجوار».
وقال: الذى يرميك ربّك جازيا ... بذنبك والأذناب «١» تعقب ما ترى
فقلت له: لو أن ربى برمية ... رمانى لما أخطا إلهى ما رمى
جزى الله شرا كل من نال سوءة ... وينحل فيها ربّه الشّرّ والأذى «٢»
قال: وخاصمت امرأة أبى الأسود أبا الأسود إلى زياد فى ولدها- وكان أبو الأسود طلّقها، فقالت له: أنا أحقّ بولدى، فقال أبو الأسود: أنا أحق بولدى؛ حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه.
فقالت: صدق- أصلحك الله- حمله خفّا وحملته ثقلا، ووضعه شهوة ووضعته كرها، فقال زياد: خصمتك «٣»؛ هى أحقّ بولدها ما لم تتزوّج.