هبينى عودا أجوفا تحت شنّة «١» ... تمتّع فيها بين نحرك والذّقن
فلما سمعت الشعر منى نزعت الطبل فرمت به فى وجهى، وبادرت إلى الخباء.
فدخلت، فلم أزل واقفا إلى أن حميت الشمس على مفرق «٢» رأسى؛ لا تخرج إلىّ، ولا ترجع جوابا، فقلت: أنا والله معها كما قال الشاعر:
فوالله يا سلمى لطال قيامتى ... على غير شىء يا سليمى أراقبه
ثم انصرفت قريح العين سخينها. فهذا الذى ترى من التغير لعشقى لها. فضحك الرشيد، ثم قال: يا عباسىّ، أعط عبد الملك مائة ألف درهم، وردّه إلى مدينة السلام «٣». فقبضتها وأتتنى صلة الجارية التى وصفتها ألف دينار مع خادم، وأمر لى الفضل بن الربيع من ماله بعشرة آلاف درهم.
وأخبار الأصمعى كثيرة مدوّنة. قال المبرّد: كان أبو زيد الأنصارىّ صاحب لغة وغريب ونحو، وكان أكثر من الأصمعى فى النحو، وكان أبو عبيدة أعلم من أبى زيد والأصمعىّ بالأنساب والأيام والأخبار، وكان الأصمعىّ بحرا فى اللغة لا يعرف مثله فيها وفى كثرة الرواية، وكان دون أبى زيد فى النحو.
وقيل لأبى نواس: قد أشخص أبو عبيدة والأصمعى إلى الرشيد. قال:
أما أبو عبيدة فإنهم إن أمكنوه من سفره «٤» قرأ عليهم أخبار الأوّلين والآخرين، وأما الأصمعى فبلبل يطربهم بنغماته.