للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سافر إلى الشام ومدح أمراءها، وديار بكر ومدح أكابرها، وجمع من شعره كتابا سماه الحماسة، وكان مهوّسا «١»، ناقص الحركات، سيّئ العقيدة، يتحرّك فى مجلسه بحركات يضحك منها وهو لا يضحك، فلا يغضب من ضحك الجماعة، ويصرف ضحكهم إلى أنه يعجب منه ومن جودة ما يأتى به، إلى أمثال ذلك من السّخف فى الفعل والقول.

أخبرنى أبو البركات سعيد بن أبى جعفر الهاشمىّ الحلبىّ قال: جاءنا الشّميم إلى حلب، فدخلنا عليه مستفيدين، قال: فرأيته يوما وقد أنشد لنفسه شعرا كثّرنا الاستحسان له، فقام إلى أحد أركان المنزل، ونام على ظهره، ورفع رجليه إلى الحائط، ولم يزل يرتفع حتى صار واقفا على رأسه، ثم جاءنا وقال: هكذا يشكر الله على النعمة، وهو أن يقف الإنسان على رأسه لا على رجليه.

وقال لى ابن الحيرانىّ النحوىّ الحلبىّ: اختبرت الشّميم الحلىّ عند وروده علينا فى النحو فلم أجده قيّما به. قال: ورأيته يكتب فى خطه «الحلوىّ»، فسألته عن ذلك، فقال: أليس تقول فى تصريفها: «حلّ حلولا»؟ قال: فلم أردّ عليه لحمقه وخرقه، أو قال كلاما هذا معناه؛ فإننى كتبته من حفظى.

وكان قد اكتسب مالا من عطاء المرفدين له، وكان لا ينفق منه ولا يفارقه، [يضعه] فى جمدان «٢» كبير له لا يزاوله.

وحكى لى ياقوت الحموىّ عتيق عسكر التاجر؛ قال لى الشّميم الحلىّ يوما- وقد خلوت به: قد أنست بفضلك وعقلك، ومعى فى هذا الجمدان بين ثيابى ستة آلاف دينار مصرية- أو قال ثلاثة آلاف دينار مصرية (الشك منى) - وقد عزمت على أنى أعطيك منها جزءا متوفرا تتجّر فيه لتجد به مرفقا، ومتى غنيت أعد إلىّ رأس المال. قال: فامتنعت من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>