وذكر لى أبو البركات سعيد الهاشمىّ قال: رأيته يوما ونحن عنده وقد جرى ذكر نصيبين ووخمها، فقال: حضرتها فى بعض أسفارى سنة، وقد وخمت واشتد وخمها، ومات أهلها، فكنت كثيرا ما أرى الجنائز وخلفها النساء ينحن؛ فأصغيت إليهن، فلم يعجبنى قولهن، فصنّفت لهن نواحا ينحن به. ثم قام على قدميه وأمرنا بالقيام، ووقف على صفّة ونحن فى وسط القاعة وقال: قولوا كما أقول، والطموا على خدودكم كما ألطم، فأجبناه إلى ذلك، فقال:
بسّى نقوعك وبسّى حبّ رمّانك ... كم تحملين الدوا قد كلّت اقدامك
بسّى نقوعك وبسّى تمر هنديك ... كم تعملين الدوا قد كلّت ايديك
قال: وأخذ يلطم على خدّيه، ونحن نشير إلى خدودنا بمثل ذلك.
وأخبرنى العماد بن السابق الكتبىّ بحلب قال: أخبرنى أبو الخطاب بن دحية المغربىّ قال: ما رأيت أكفر من شميم؛ فإننى اجتمعت به وذاكرته، فقال: قد قيل فى «الدهده» كذا، وتلا آية من القرآن؛ فقلت: ما معنى قولك الدهده؟
فقال: الدهده فى كلام العرب: الهذيان (تعالى الله عما يقول علوا كبيرا) ومن شعره:
لا تسرحنّ الطرف فى بقر المها ... فمصارع الآجال فى الآجال «١»
كم نظرة أردت وما أخذت يد ال ... مصمى «٢» لمن قتلت أداة قتال
سنحت وما سمحت بتسليم، وإق ... لال التحية فعلة المغتال
أضللت قلبى عندهنّ ورحت أن ... شده بذات الضّال «٣» ضلّ «٤» ضلالى