؟ فرفع حمزة بصره إلى خلّاد الأحول «١» - وكان أجمل غلمانه- فتقدّم إليه فى جماعة من أهل المجلس فناظروه، فلم يصنعوا شيئا. فقالوا: أفدنا- رحمك الله! فقال لهم الكسائىّ: تفهّموا عن الحائك؛ تقول إذا نسبت الرجل إلى الذّئب:
قد استذأب الرجل، ولو قلت: قد استذاب- بغير همز- لكنت إنما نسبته إلى الهزال، تقول: قد استذاب الرجل إذا استذاب شحمه (بغير همز)، فإذا نسبته إلى الحوت [تقول: قد استحات الرجل أى كثر أكله، لأن الحوت «٢»] يأكل كثيرا، ولا يجوز فيه الهمز. فلهذه العلة همز الذئب، ولم يهمز الحوت. وفيه معنى آخر: لا يسقط الهمز من مفرده ولا من جمعه، وأنشدهم:
أيها الذئب وابنه وأبوه ... أنت عندى من أذؤب ضاريات
قيل: فسمّى الكسائىّ من ذلك اليوم.
وكان السبب فى اتصاله بالرشيد أنه كان عند المهدىّ مؤدّب يؤدّب الرشيد.
فدعا المهدىّ به يوما وهو يستاك، فقال له: كيف تأمر من السّواك؟ فقال:
«استك» يا أمير المؤمنين. فقال المهدىّ:(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)
«٣»! ثم قال:
التمسوا لنا من هو أفهم من ذا. فقالوا: رجل يقال له علىّ بن حمزة الكسائىّ من أهل الكوفة، قدم من البادية قريبا. فكتب بإشخاصه من الكوفة. فساعة دخل عليه قال: يا علىّ بن حمزة، ما تأمر من السواك؟ قال: سك «٤» يا أمير المؤمنين.