الحيلة فقل:«عييت»(مخفّفة). فأنت من هذه الكلمة لحنت «١». ثم قام من فوره ذلك يسأل عمن يعلّم النحو، فأرشدوه إلى معاذ الهراء «٢»، فلزمه حتى أنفد ما عنده.
ثم خرج إلى البصرة، فلقى الخليل وجلس فى حلقته، فقال له رجل من الأعراب: تركت أسد الكوفة وتميمها وعندهما الفصاحة، وجئت إلى البصرة! فقال للخليل: من أين أخذت علمك هذا؟ فقال: من بوادى الحجاز ونجد وتهامة.
فخرج [ورجع]«٣» وقد أنفذ خمس عشرة قنّينة حبر فى الكتابة عن العرب سوى ما حفظ. فلم يكن له همّ غير البصرة والخليل، فوجد الخليل قد مات، وقد جلس موضعه يونس النحوىّ، فمرت بينهم مسائل أقرّ له يونس فيها موضعه وصدّره.
وسئل: لم سميت الكسائىّ؟ فقال: لأنى أحرمت فى كساء. وقد قيل:
إنه دخل الكوفة، فجاء إلى مسجد السّبيع- وكان حمزة بن حبيب الزيات يقرئ فيه- فتقدّم الكسائىّ مع أذان الفجر؛ فجلس وهو ملتفّ بكساء من البرّكان «٤» الأسود، فلما صلّى حمزة قال: من تقدّم فى الوقت يقرأ؟ قيل له: الكسائىّ أوّل من تقدّم- يعنون صاحب الكساء- فرمقه القوم بأبصارهم، وقالوا: إن كان حائكا فسيقرأ «سورة يوسف»، وإن كان ملّاحا فسيقرأ «سورة طه»، فسمعهم فابتدأ بسورة يوسف، فلما بلغ إلى قصّة الذئب، قرأ:(فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ)
«٥» بغير همز، فقال له حمزة الزيّات:[الذّئب]«٦» بالهمز، فقال له الكسائىّ: وكذلك أهمز الحوت (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ)