قال أبو العباس أحمد بن يحيى: كان علىّ بن المبارك الأحمر مؤدب «١» الأمين يحفظ أربعين ألف بيت شاهد فى النحو سوى ما كان يحفظ من القصائد وأبيات الغريب. ولما أحضر سيبويه فى دار يحيى بن خالد البرمكىّ لمناظرة الكسائىّ حضر الأحمر قبل حضور الكسائىّ، فألقى الأحمر على سيبويه مسألة. فأجاب فيها. فقال له الأحمر: أخطأت. وألقى عليه أخرى فأجاب، فقال له: أخطأت،- وكان الأحمر حادا حافظا- فغضب سيبويه، فقال له الفراء: [إن «٢»] معه عجلة. وأخذ الفراء فى الكلام مع سيبويه «٣».
وقال على بن المبارك الأحمر هذا: قعدت مع الأمين ساعة من نهار، فوصل إلىّ فيها ثلاثمائة ألف درهم. فانصرفت وقد استغنيت. ولم يصر إلى أحد قط من التأديب ما صار إليه. وقد ذكر أن اسمه على بن الحسن.
قال عبد الصمد بن المعذّل: رأيت الأصمعىّ بمكة، وقد جاءه الأحمر؛ فألقى إليه مسائل من الغريب، فجعل يجيبه. وكان الأحمر كأنه مجنون فى سؤاله وحركته.
ولما انقضت المسائل تمثل بشعر ابن مقبل «٤»:
وقد بريت قداحا أنت مرسلها ... ونحن راموك فانظر كيف ترمينا
ثم سأله الأصمعىّ عن بيت فلم يجبه، فسأله عن ثان فلم يجبه، ثم سأله عن ثالث فلم يجبه وتلجلج، فقال الأصمعىّ «٥»: