فى الرياسة صارت له الهيئة الجميلة، والتجمّل التام، والجماعة المتوقّرة، والطعام السرىّ. وإذا حضر الطلبة إلى منزله رأوا منزلا كمنازل الملوك ينفح منه الطيب، ويوسّع لهم فى المأكل والورق والأقلام والمداد، ويريهم بشرا وسرورا؛ فلا ينفصل أحد عنه إلّا شاكرا.
وكان ينصرف من مكتبه يوم الثّلاثاء فينقطع فى ذلك اليوم عن الخروج، ويجمع إليه إخوانه وأصحابه، ويوسعهم فضلا وإفضالا، فلذلك قال أبو فقعس أو أبو الجراح:
قالوا: ثلاثاؤه خصب [ومكرمة] ... وكلّ أيّامه يوم الثلاثاء
والأحمرىّ إذا لاذوا فملوذه ... من الطّريق ندى فى رأس ميثاء
وجاءته قريبة الدّبيريّة تسأله فلم [يفهم] ما أرادت، فقالت:
الأحمرىّ الأحمق الطّرماذ «١» ... أحمق شخص ضمّه بغداذ
ليس له من خزيه ملاذ
وكان بين الفرّاء والأحمر وحشة؛ وذلك أن الأحمر كان قد اقترض من الفرّاء عشرة آلاف درهم، وردّها عليه مقطّعة، فاستوحشا لذلك.
ولما مات الأحمر بطريق مكّة نعى إلى الفراء، فذكره بخير وأثنى عليه. فقال أهل زمانه: لم يذكره لمحبّته له، وإنما ذكره ليكاثر أهل البصرة بأهل الكوفة.
قال الطّوال: ومات الأحمر قبل الفرّاء بمدّة. قال: أحسبه سنة أربع وتسعين ومائة، ومات الفراء سنة أربع ومائتين.