للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنحو واللغة والأدب. وله التصانيف الحسنة السائرة فى النحو. وهو خشن العيش، صابر على الفقر والقلّة، قانع باليسير. وكان يقول: أنا زيدىّ المذهب، وأفتى على مذهب أبى حنيفة. واسع الرواية، أدرك المشايخ الجلّة، كأبى بكر الخطيب وطبقته.

وسافر إلى الشام، وأقام بدمشق مدّة، ثم بحلب مدّة، وقرا بها الإيضاح لأبى على الفارسىّ فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة، على رجل يقال له أبو القاسم زيد بن علىّ الفارسىّ عن خاله أبى علىّ الفارسىّ. وروى هذا الشريف الكتاب- أعنى الإيضاح- بهذا الطريق بالكوفة المدّة الطويلة، وأخذه عنه بهذا السّبيل الجمّ الغفير من علماء الرواة والنحاة. وكان هذا الشريف عمر متيقّظا حسن الاستماع، يكتب خطّا جميلا. وكان حافظا للسانه، تكرّر إليه المحدّثون ونقلوا عنه الأحاديث والأخبار لسعة روايته، ولم يسمعوا منه شيئا مما يتعلّق باعتقاد الشيعة.

قال المسلم بن نجم بن علىّ الرّسىّ الكوفىّ: كان الشريف عمر بن إبراهيم الكوفىّ يغرس فسيل «١» النخل فى أجمة له، وهو شيخ كبير، ومعه جماعة من شبّان محلّته يعينونه على ذلك كما جرت العادة. فوقف رجلان من طيّئ شيبان من بعيد من أبناء السبيل ينظران إلى العمل، فقال أحدهما لصاحبه: ترى من يغرس هذا الفسيل؟ فقال له: ذلك الشيخ الكبير. فقال البدوىّ: أذلّه الله! أيرجو هذا الشيخ أن يأكل من جناه! فسمع الشريف ما قال، وأحزنه ذلك، وقال له: يا بنىّ، كم من كبش فى المرعى وخروف فى التّنور! ففهم أحدهما دون الآخر كلام الشريف. فقال الذى لم يفهمه لصاحبه الذى فهم: أيش قال الشيخ؟ فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>