وذكر الجاحظ كتاب سيبويه- لم يكتب الناس فى النحو كتابا مثله، وجميع كتب الناس عليه عيال. وكان سيبويه لشهرته وفضله علما عند النحويّين، وكان يقال بالبصرة: قرأ فلان الكتاب؛ فيعلم أنه كتاب سيبويه، ولا يشك أنه كتاب سيبويه.
كتبت من خط محمد بن عبد الملك: حدّثنى المروزىّ عن الجاحظ قال:
«أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك الزيات، ففكّرت فى شىء أهديه إليه فلم أجد شيئا أشرف من كتاب سيبويه. فقلت له: أردت أن أهدى إليك شيئا، ففكرت فإذا كل شىء عندك دونه، فلم أر أشرف من كتاب سيبويه. وهذا كتاب سيبويه اشتريته من ميراث الفرّاء. فقال: والله ما أهديت إلىّ شيئا أحبّ إلىّ منه «١»».
وشاهدت بخط السلالى النحوىّ القرشىّ الكوفىّ الورّاق أن الجاحظ لما قدم من البصرة فى بعض قدماته أهدى إلى محمد بن عبد الملك الزيات فى وزارته نسخة من كتاب سيبويه، وأعلم بإحضارها صحبته قبل أن يحضرها مجلسه، فقال له ابن الزيات: أو ظننت أن خزائننا خالية من هذا الكتاب؟ فقال: ما ظننت ذاك؛ ولكنها بخط الفرّاء ومقابلة الكسائىّ وتهذيب عمرو بن بحر الجاحظ. فقال له ابن الزيات: هذه أجلّ نسخة توجد وأغربها. فأحضرها إليه، فسرّ بها، ووقعت منه أجمل موقع.
وكتبت من خط محمد بن عبد الملك التاريخىّ: حدّثنى ابن الأعلم قال حدّثنا محمد بن سلّام قال: كان سيبويه النحوىّ جالسا فى حلقته بالبصرة، فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا فقال: لم يرو هذا إلا سعيد بن