للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرنا أبو الحسن المدائنىّ قال: قال أبو عمرو بن يزيد: احتضر سيبويه النحوىّ فوضع رأسه فى حجر أخيه فأغمى عليه. قال: فدمعت عين أخيه، فأفاق، فرآه يبكى فقال:

وكنّا جميعا فرّق الدهر بيننا ... إلى الأمد الأقصى فمن يأمن الدهرا!

قال أبو إسحاق إبراهيم بن السرىّ الزجاج: إذا تأملت الأمثلة من كتاب سيبويه تبينت أنه أعلم الناس باللغة.

وقال أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش والمبرّد وثعلب: إن سيبويه لما قدم العراق على أبى على يحيى بن خالد البرمكىّ سأله عن خبره والحال التى ورد لها.

فقال: جئت لتجمع بينى وبين الكسائىّ، فقال له: لا تفعل، فإنه شيخ مدينة السّلام وقارئها ومؤدّب أمير المؤمنين، وكلّ من فى المصر له ومعه. فأبى إلا الجمع بينهما. فعرف الرشيد خبره، فأمره بالجمع بينهما، فوعده بيوم. فلما كان ذلك اليوم غدا سيبويه وحده إلى دار الرشيد، فوجد الفرّاء وهشاما والأحمر ومحمد بن سعدان قد سبقوه، فسأله الأحمر عن مائة مسألة، فأجابه عنها، فما أجابه بجواب إلا قال: أخطأت يا بصرىّ: فوجم [لذلك] «١» سيبويه وقال:

هذا سوء أدب. ووافى الكسائىّ- وقد شق أمره عليه- ومعه خلق كثير من العرب، فلما جلس قال له: يا بصرىّ، كيف تقول: خرجت فإذا زيد قائم؟

فقال: خرجت فإذا زيد قائم، فقال الكسائىّ: أيجوز: فإذا زيد قائما؟ قال:

لا. قال الكسائىّ: كيف تقول: قد كنت أظن أن العقرب أشدّ لسعة من الزنبور، فإذا هو هى، أو فإذا هو إياها؟. فقال سيبويه: فإذا هو هى؛ ولا يجوز النصب. فقال الكسائىّ: لحنت! وخطّأه الجميع. وقال الكسائىّ: العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>