أقول أنا: إنه لا يشبه الأسماء، وذلك لأنى لم أر الأسماء على هذه الهيئة، فقد رأينا الأسماء المبتدأة تزول عمّا هى عليه، ولا تلزم موضعا واحدا، لا يغيّر عن مكانه الذى هو فيه؛ وإنما هو الحرف الذى جاء لمعنى؛ فهو حرف جاء لمعنى؛ مثل: أين، وكيف ألزم شيئا واحدا.
قال أبو يعلى بن أبى زرعة: فقلت لأبى عثمان: حرف جاء لمعنى، هل رأيته قط يعمل عملين: جرّا ورفعا؟ فقال: قد رأيته يعمل عملين؛ ينصب ويجر؛ مثل قولك:«أتانى القوم خلا زيد، وخلا زيدا».
قال أبو عثمان: أقول العوامل [و] هى الأفعال؛ إنما ترفع الشىء الواحد؛ ولم أرها رفعت شيئين إلا بحرف عطف؛ مثل:«قام زيد وعمرو»؛ ولا يجوز أن ترفع بالابتداء المبتدأ وخبره. قلنا له: فإنّ الصّفة هى مرتفعة أيضا إذا قلت:
«قام زيد العاقل»، فقد رفعت شيئا بغير حرف عطف، فقال: الموصوف قد اشتمل على الصفة. قال أبو عثمان: ألا [ترى] أنك لو حملت كوزا فيه ماء كنت قد حملت الماء؟ وأهل بغداذ يقولون:«إن زيدا منطلق» إنّ ناصب «زيد»«إنّ» و «منطلق» لم تعمل فيه «إن»، والحجة عليهم فى ذلك أن تقول:«إن زيدا لمنطلق»، وهذه اللام لا تدخل إلا على ما تعمل فيه «إن».
قال أبو عثمان المازنىّ: سألنى الرياشىّ: «الله». ما أنكرت أن تكون «الإله» فخفف فقيل: «أللاه»، ثم أدغمت اللام فى اللام الساكنة؛ كما أجزت فى «الناس» أن يكون تخفيفا من «الأناس»، ثم أدغمت؟ فقلت له: من قبل أن «الناس» على معنى «الأناس»، وكذلك كل شىء خففت من الهمزة فهو على معناه مخففا، وأنت إذا قلت «اللاه»، فليس يعلم الله عزّ وجلّ، فلو كان «الله» هو «الإله» مخففا لبقى على معناه، فلما جاء «الله» على غير معنى «إلاه» علمنا أن هذا ليس مخففا.