للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشأ المقامات [١] المنسوبة إلى الحارث بن همّام [٢]، الّتى سار فى الآفاق ذكرها وانتشرت، وكتبت بها النّسخ الكثيرة المتعدّدة. ومن تأملها علم أن صاحبها ومنشئها كان بحرا فى علم النحو واللغة [٣].

كانت ولادته فى حدود سنة ست وأربعين وأربعمائة.

كتب إلىّ أبو الضياء شهاب بن محمد الشّروطىّ الهروىّ من هراة: أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزىّ بهراة بقراءة أبى النضر الفامىّ عليه من كتابه بالجامع القديم، أنشدنى أبو العباس أحمد بن بختيار المندائىّ قاضى واسط ببغداذ وأبو الفضل عبد الوهاب بن هبة الله البغداذىّ بسمرقند قالا: أنشدنا القاسم بن على الحريرىّ لنفسه- قال المندائى بالبصرة، وقال البغداذىّ ببغداذ:


[١] أورد ابن خلكان سبب إنشاء هذه المقامات، فقال: «وكان سبب وضعه لها ما حكاه ولده أبو القاسم عبد الله قال: كان أبى جالسا فى مسجده ببنى حرام، فدخل شيخ ذو طمرين عليه أهبة السفر رث الحال، فصيح الكلام، حسن العبارة، فسألته الجماعة: من أين الشيخ؟ فقال: من سروج، فاستخبروه عن كنيته فقال: أبو زيد، فعمل أبى المقامة المعروفة بالحرامية، وهى الثامنة والأربعون، وعزاها إلى أبى زيد المذكور، واشتهرت، فبلغ خبرها الوزير شرف الدين أبا نصر أنو شروان بن محمد ابن خالد بن محمد القاشانى، وزير الإمام المسترشد بالله، فلما وقف عليها أعجبته وأشار على والدى أن يضم إليها غيرها، وأتمها خمسين مقامة. وإلى الوزير المذكور أشار الحريرى فى خطبه المقامات بقوله: فأشار من إشارته حكم وطاعته غنم إلى أن أنشىء مقامات أتلو فيها تلو البديع، وإن لم يدرك الظالع شأو الضليع».
قال ابن خلكان: «هكذا وجدته فى عدّة تواريخ. ثم رأيت فى بعض شهور سنة ست وخمسين وستمائة بالقاهرة المحروسة نسخة مقامات وجميعها بخط مصنفها الحريرى، وقد كتب بخطه أيضا على ظهرها أنه صنفها للوزير جمال الدين عميد الدولة أبى على الحسن بن أبى العز على بن صدقة وزير المسترشد أيضا، ولا شك أن هذا أصح من الرواية الأولى لكونه بخط المصنف».
[٢] قال صاحب شذرات الذهب: «وأما تسمية الراوى بالحارث بن همام فإنما عنى به نفسه، وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: كلكم حارث وكلكم همام؛ لأن كل واحد كاسب ومهتم بأموره».
وانظر ترجمة المطهر بن سلام، للمؤلف فيما يأتى.
[٣] أورد صاحب كشف الظنون ص ١٧٨٧ - ١٧٩١ أسماء جمهور من العلماء الذين شرحوا المقامات المطولة والمختصرة، ومن هؤلاء أحمد بن عبد المؤمن الشريشى المتوفى سنة ٦١٩، وطبع هذا الشرح ببولاق سنة ١٢٨٤، وفى المطبعة الخيرية سنة ١٣٠٠، ١٣٠٦، وفى مطبعة مصر سنة ١٣١٤.
وقد انتقد ابن الخشاب البغدادى المقامات، وانتصر له ابن برى، وطبع النقد والرد في رسالة ملحقة بالمقامات، طبعة الحسينية بمصر سنة ١٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>