للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن شعر ابن دريد ما قاله، وهو أوّل شىء قاله [١]:

ثوب الشباب علىّ اليوم بهجته ... وسوف تنزعه عنّى يد الكبر

أنا ابن عشرين ما زادت ولا نقصت ... إن ابن عشرين من شيب على خطر

وكان أعلم الشعراء، وأشعر العلماء. قال ابن دريد: كان أبو عثمان الأشناندانىّ معلّمى، وكان عمّى الحسين بن دريد يتولّى تربيتى، فإذا أراد الأكل استدعى أبا عثمان يأكل معه، فدخل عمّى يوما- وأبو عثمان المعلّم يروى قصيدة الحارث ابن حلّزة التى أولها [٢]:

آذنتنا ببينها أسماء

فقال له عمّى: إذا حفظت هذه القصيدة وهبت لك كذا وكذا، ثم دعا بالمعلم يأكل معه، فدخل إليه، فأكلا وتحدّثا بعد الأكل ساعة. قال: فإلى أن رجع المعلّم حفظت ديوان الحارث بن حلّزة بأسره، فخرج المعلم، فعرّفته بذلك فاستعظمه، وأخذ يعتبره علىّ، فوجدنى قد حفظته، فدخل إلى عمى فأخبره، فأعطانى ما كان وعدنى به.

وكان أبو بكر واسع الرواية؛ ما رأى الرواة أحفظ منه، وكان يقرأ عليه دواوين العرب، فيسابق إلى إتمامها بالحفظ لها.


[١] ديوانه ٦٨.
[٢] هو الحارث بن حلزة اليشكرى، من بنى يشكر، من بكر بن وائل، شاعر جاهلى، اشتهر بقصيدته:
آذيتنا ببينها أسماء ... رب ثاو يمل منه الثواء
يقال إنه ارتجلها بين يدى عمرو بن هند ارتجالا، فى شىء كان بين بكر وتغلب بعد الصلح؛ وكان ينشده من وراء السجف للبرص الذى كان به، فأمر برفع السجف بينه وبينه استحسانا لها. الشعر والشعراء ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>