للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل عنه الدار قطنىّ [١]: أثقة هو أم لا؟ فقال: تكلّموا فيه؛ وقيل: إنه كان يتسامح فى الرواية عن المشايخ. فيسند إلى كلّ واحد ما يخطر له.

وقال أبو منصور الأزهرىّ الهروىّ مصنف كتاب التهذيب فى اللغة:

«دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد إليه».

وقال ابن شاهين: كنّا ندخل على ابن دريد، ونستحيى مما نرى من العبدان المعلقة والشراب المصفّى- وقد كان جاز التسعين سنة.

وذكر أن سائلا سأل ابن دريد شيئا فلم يكن عنده غير دنّ من نبيذ، فوهبه له؛ فأنكر عليه أحد غلمانه، وقال: تتصدّق بالنبيذ؟ فقال: لم يكن عندى سواه. وأهدى له عقب ذلك عشرة دنان من النبيذ فقال لغلامه: تصدقنا بدنّ فجاءنا ليلة اثنتى عشرة.

مات ابن دريد يوم الأربعاء سنة اثنتى عشرة بقيت من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. وحضر دفنه جحظة البرمكىّ [٢]، فأنشد الجماعة لنفسه [٣]:

فقدت بابن دريد كل فائدة ... لما غدا ثالث الأحجار والتّرب

وكنت أبكى لفقيد الجود منفردا ... فصرت أبكى لفقد الفضل والأدب

ولما توفّى ابن دريد حملت جنازته إلى مقبرة الخيزران ليدفن فيها.


[١] الدار قطنى؛ منسوب إلى دار القطن؛ محلة كانت ببغداد. وهو أبو الحسن على الدار قطنى الحافظ. كان أديبا يحفظ عدة من الدواوين؛ منها ديوان السيد الحميرىّ، فنسب إلى التشيع، وتفقه على مذهب الشافعىّ. وتوفى سنة ٣٨٥. معجم البلدان (٤: ١١).
[٢] هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى المعروف بجحظة البرمكى؛ تقدمت ترجمته فى حواشى الجزء الثانى ص ٢٥٢.
[٣] تاريخ بغداد ٢: ١٩٧، والنزهة ٣٢٦، ومرآة الجنان ٢: ٢٨٤. ورثاه بعض البغداد بين بقصيدة ذكرها القالى فى الأمالى (٣: ٢٢٩)، ومطلعها:
يلوم على فرط الأسى ويفند ... خلىّ من الوجد الذى يتجدّد

<<  <  ج: ص:  >  >>