للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض. وقد كان أبو بكر شيخنا نضّر الله وجهه نسله من بدعته المضلّة باستتابته منها، وأشهد عليه الحكام والشهود المقبول قولهم عند الحكام بترك ما أوقع فيه نفسه من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل، ولم يكن له حجة قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته المضلّة، ثم عاود فى وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه، واستغوى من أصاغر المسلمين ممّن هو فى الغفلة والغباوة دونه، ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما؛ ولن يعدو ما جاء به مجلسه؛ لأن الله قد أعلمنا أنه حائظ كتابه من الزائغين وشبهات الملحدين، بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ

[١].

ثم ذكر أبو طاهر كلاما كثيرا، وقال بعده: وقد دخلت عليه شبهة لا تخيل بطولها وفسادها على ذى لبّ وفطنة صحيحة؛ وذلك أنه قال: كان لخلف [٢] بن هشام وأبى عبيد وابن سعدان [٣] أن يختاروا، وكان ذلك لهم مباحا غير منكر، وكان ذلك لى أيضا مباحا غير مستنكر، فلو كان حذا حذوهم فيما اختاروه، وسلك طريقا كطريقهم كان ذلك مباحا له ولغيره غير مستنكر، وذلك أن خلفا ترك حروفا من حروف حمزة [٤]، واختار أن يقرأها على مذهب نافع [٥]. وأما أبو عبيد وابن سعدان فلم يتجاوز واحد


[١] سورة الحجرات آية ١٥.
[٢] هو خلف بن هشام بن ثعلب أبو محمد الأسدى، أحد القراء العشرة، ولد سنة ١٥٠، ومات سنة ٢٢٩. طبقات القراء لابن الجزرى (١: ٢٧٤).
[٣] هو محمد بن سعدان أبو جعفر الضرير تأتى ترجمته.
[٤] هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات، تقدمت ترجمته فى حواشى الجزء الأول ص ٣٧٥.
[٥] هو نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم، أحد القراء السبعة، أخذ القراءة عن تابعى المدينة، انتهت إليه رياسة القراءة بها، وصار الناس إليها. توفى سنة ١٦٩. طبقات القراء لابن الجزرى (٢: ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>