للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت: من اىّ الناس أنت ومن تكن ... فإنك راعى صرمة لا تزينها [١]

فقلت لها: ليس الشحوب على الفتى ... بعار ولا خير الرجال سمينها

عليك براعى ثلّة مسلحبّة ... يروح عليه محضها وحقينها [٢]

سمين الضواحى لم تؤرقه ليلة ... وأنعم أبكار الهموم وعونها

ورفع «ليلة» فقال له الأصمعىّ: من روّاك هذا؟ فقال: مؤدّبى، فأحضره واستنشده البيت فأنشده، ورفع «ليلة»، فأخذ ذلك عليه، وفسّر البيت فقال:

إنما أراد «لم يؤرقه ليلة أبكار الهموم». و «عونها»: جمع عوان. و «أنعم» أى زاد على هذه الصفة. وقوله: «سمين الضّواحى» يريد ما ظهر منه وبدا سمين. ثم قال لابن سلم: من لم يحسن هذا المقدار فليس موضعا لتأديب ولدك، فنحّاه [٣].

ودخل ابن الأعرابى على الواثق [٤] بالله؛ قال: وقرأ علىّ الفتح بن خاقان [٥] شعر طرفة [٦]، فقال:


[١] الصرمة: القطعة من الإبل؛ ما بين العشرين إلى الثلاثين. ورواية اللسان:
فإنك مولى أسرة لا يدينها
[٢] الثلة، بالفتح: جماعة الغنم. والمسلحبة: المنبطحة. والمخض: اللبن الخالص، والحقين:
اللبن الحبيس فى الوطب، وقد ورد البيت فى اللسان (حقن)، ونسبه للمخبل. والرواية فيه:
وفى إبل ستين حسب ظعينة ... يروح عليه محضها وحقينها
[٣] الخبر فى المجالس المذكورة للعلماء ص ٩.
[٤] هو الواثق بالله هارون بن محمد المعتصم، الخليفة العباسى. كان من أفاضل خلفاء بنى العباس.
وكان أيضا فصيحا شاعرا؛ وكان يتشبه بالمأمون فى حركاته وسكناته، ولما ولى الخلافة أحسن إلى بنى عمه الطالبيين وبرهم. توفى سنة ٢٣٣. الفخرى ص ٢٠٩.
[٥] هو الفتح بن خاقان بن أحمد بن غرطوح؛ كان شاعرا فصيحا مفوها موصوفا بالشجاعة والكرم والرياسة والسؤدد، وله أخبار كثيرة فى الجود والوفاء والمكارم والظرف. وكانت له خزانة كتب جمعها له على بن يحيى المنجم؛ لم ير أعظم منها كثرة وحسنا. وكان يحضر داره فصحاء الأعراب وعلماء الكوفيين والبصريين. توفى سنة ٢٤٧. معجم الأدباء (١٦: ١٧٤)، وفوات الوفيات (٢: ١٥٣).
[٦] هو طرفة بن العبد بن سفيان. قال ابن قتيبة: «هو أجودهم طويلة، وهو صاحب:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
وله بعدها شعر حسن، وليس عند الرواة من شعره وشعر عبيد إلا القليل». الشعر والشعراء ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>