شاهدت على نسخة من كتاب إصلاح المنطق، يقرب أن يكون بخط المعرّيين، أن الخطيب أبا زكريا يحيى بن على بن الخطيب التّبريزىّ قرأه على أبى العلاء، وطالبه بسنده متصلا، فقال له: إن أردت الدّراية «١» فخذ عنى ولا تتعدّ، وإن قصدت الرّواية فعليك بما عند غيرى.
وهذا القول من أبى العلاء يشعر أنه قد وجد من نفسه قوة على تصحيح اللّغة، كما وجدها ابن السّكيت مصنّف الإصلاح، وربما أحسّ من نفسه أوفر من ذلك، لأن ابن السّكيت لم يصادف اللغة منقّحة مؤلّفة، قد تداولها العلماء قبله، وصنّفوا فيها وأكثروا، كما وجدها أبو العلاء فى زمانه.
وقد روى أبو العلاء، ولم يكن مكثرا، وذلك أننى شاهدت بخط ابن كهبار الفارسىّ، صاحب الخطيب أبى زكريا التبريزىّ، والآخذ عنه- وكان ذكيا فاضلا محققا لما ينقله، حاكيا عن صاحبه فى تصنيفه لتهذيب غريب الحديث لأبى عبيد:
قال الخطيب التّبريزىّ: وكنت قرأت هذا الكتاب، سنة خمس وأربعين وأربعمائة، على أبى العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخىّ المعرىّ، قال: قرأ علينا سنة خمس وثمانين وثلاثمائة كتاب غريب الحديث القاضى أبو عمرو عثمان ابن عبد الله الكرجىّ، وذكر أنه سمعه من أبى عمير عدىّ بن عبد الباقى، وسمعه أبو عمير من علىّ بن عبد العزيز صاحب أبى عبيد.
كنت «٢» فى سن الصبا- وذلك فى حدود سنة خمس وثمانين وخمسمائة- أقدح فى اعتقاد أبى العلاء؛ لما أراه من ظواهر شعره، وما ينشد له فى محافل