للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببلاد الروم عن إسحاق، وذكر مالا حمّله إليه، فكتب: «وهذا المال مالا»، فخط المأمون على الموضع من الكتاب، ووقع بخطه فى حاشيته: تخاطبنى [١] بلحن! فقامت القيامة على إسحاق. فكان ميمون بعد ذلك يقول: ما أدرى كيف أشكر ابن قادم، أبقى علىّ روحى ونعمتى. قال ثعلب: فكان هذا مقدار العلم، وعلى حسب ذلك كانت الرغبة فى طلبه والحذر من الزلل. قال: وهذا [المال [٢]] مالا ليس بشىء، ولكن أحسن ابن قادم فى التأتّى لخلاص ميمون.

وكان ابن قادم يعلّم المعتز [٣] قبل الخلافة، فلما ولى الخلافة بعث إليه، فجاء الرسول وهو فى منزله شيخ كبير، فقيل له: رسول أمير المؤمنين، فقال: ليس أمير المؤمنين ببغداذ- يعنى المستعين [٤].- قالوا: لا، قد ولى المعتزّ. وكان المعتزّ قد حقد عليه عقيب تأديبه، فخشى من تأديبه، وقال لعياله: عليكم السلام. وخرج فلم يرجع إليهم؛ وهذا فى سنة إحدى وخمسين ومائتين. وله من الكتب المصنفة من تصنيفه: كتاب غريب الحديث. كتاب الملوك فى النحو.


[١] فى طبقات الزبيدى: «تكاتبنى».
[٢] من طبقات الزبيدىّ.
[٣] هو أبو عبد الله محمد بن المتوكل المعروف بالمعتز بالله الخليفة العباسى، بويع بالخلافة سنة ٢٥٢ عقب خلع المستعين، ولم يكن بسيرته وعقله بأس؛ إلا أن الأتراك كانوا قد استولوا منذ قتل المتوكل على المملكة، واستضعفوا الخلفاء، فلما تولى المعتز ثاروا وطلبوا منه مالا فاعتذر إليهم، وقال: ليس فى الخزانة شىء، فاتفقوا على خلعه وقتله، وقتلوه سنة ٢٥٥. الفخرى ص ٢١٤.
[٤] هو أحمد بن محمد بن المعتصم المعروف بالمستعين، الخليفة العباسى. بويع بالخلافة بعد وفاة المنتصر. وكان مستضعفا فى رأيه وعقله وتدبيره، وكانت أيامه كثيرة الفتن، ودولته شديدة الاضطراب، وخلع سنة ٢٥٢، وقتل بعد ذلك. الفخرى ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>