ومنذ كان طالبًا في الجامعة الإِسلامية وهو يشتغل في هذا المجال فقدم في بحثه في كلية الدعوة وأصول الدين تحقيق "الغماز على اللماز في الأحاديث المشتهرة" فهو حري بجودة التحقيق وإتقان عمله أسأل الله تعالى لنا وله التوفيق والسداد وإصلاح النية وإخلاص العمل لله تعالى.
وقد عرض علي ما وجده للصنعاني رحمه الله في كتابه هذا مما يخالف الحق ومعتقد أهل السنة من دعوى الوصية من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكلامه على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وقد رد عليه المحقق بما فيه الكفاية، ولا شك أن ما ذهب إليه من إثبات وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى علي أنه باطل ومن وضع أعداء الله ورسوله ولكن البيئة التي يعيش فيه المرء تؤثر عليه وما يتلقاه من أبويه ومجتمعه يرسخ في عقيدته ولهذا قص الله تعالى علينا ما تلقته الرسل من أممها كلهم يقولون لهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)} [الزخرف: ٢٣]، مع ما تأتيهم به الرسل من البراهين القاطعة والآيات الواضحة وكنت أظن أن ذلك من عمل النسّاخ ولكن لما ذكر محقق الكتاب ذلك عنه في مواضع متعددة في أثناء شرحه تبين أن ذلك من عمله ومما ترسب لديه من عقيدة الزيدية الباطلة ومثل ذلك يقال في لعنه أمير المؤمنين معاوية - رضي الله عنه - عنه فهو جرم وظلم غير أننا لا نظن أنه قال ذلك اتباعًا للهوى ولكن قام لديه بعض الشبه، وقد تؤثر عليه كثرة الأحاديث الموضوعة والواهية التي يروجها أهل الباطل ولو رجع إلى رشده لعلم قطعًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوصِ إلى أحد وأنه أمر أبا بكر أن يؤم الناس كما أمر أن تسد الخوخات إلى المسجد بما فيها خوخة علي إلا أبا بكر وأنه أثنى على أبي بكر في مرضه وقال: "لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" وقال: "إن أمنَّ الناس علي في ماله ونفسه أبو بكر" وغير ذلك من الإشارة الواضحة في أن أبا بكر هو خليفته وأنه لم يوصِ إلى علي ولا