للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٥٤ - "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تَعُولُ (حم م ن عن حكيم بن حزام) " (صح).

(أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غني) في النهاية (١): أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى وقيل: أراد ما فضل عن العيال والظهر قد يراد في مثل هذا اتساعًا في الكلام وتمكينًا كان صدقته مستندة إلى ظهرٍ قوي من المال وإنما كانت الصدقة عن ظهر الغنى أفضل لأنها لا تتبعها نفس المتصدق ولا يتطرق إليها المن في الغالب وهذا يعارض الذي قبله والجمع بينهما أن جهد المقل أفضل إذا كانت نفسه سمحة طيبة بالبذل فصدقته أفضل من صدقة الغني بالنسبة إلى صدقة غيره ممن لا ينطلق نفسه كلية الانطلاق بما أعطت وصدقة الفقير بتلك الصفة أي منطلق النفس بها طيبتها أفضل مطلقا أو يراد بتفضيل الصدقة عن ظهر غنى على صدقة من يخرج جميع ماله ثم يتكفف الناس بعد ذلك كما يفيده حديث جابر [١/ ٣٦٥] في صاحب بيعته الذهب لأنه أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متصدقًا بها فلم يقبلها ثم حذفه بها وقال: "يأتي أحدكم بجميع ما يملك ثم يقول هذا صدقة ثم يقعد يتكلف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى".

إن قلت: فهذا يدل على أنه لا يتصدق الإنسان بكل ما عنده ولا يكون محبوبا عنده لأنه منهي عن ذلك وفي قوله تعالى: {عَلَى حُبِّهِ} على الوجه الراجح في أن الضمير للطعام وفي قوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} وقوله: {مِمَّا تُحِبُّونَ} {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] ما يدل على خلافه.

قلت: قد أرشد الحديث إلى وجه الجمع بقوله ثم يقعد يتكلف الناس فالنهي


= الألباني في صحيح الجامع (١١١٢) والسلسلة الصحيحة (٥٦٦).
(١) النهاية (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>