قلت: فائدته أن الصادق أخبرنا به لنؤمن به ونخبر به فننزجر ونتعظ ولأنه قد يكون هذا الكلام تسبيحًا للقبر فإنه تعالى يقول: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ}[الإسراء: ٤٤] وليس المراد التنزيه فقط بل الأعم من ذلك فهو إخبار لنا بأن هذا تسبيح القبر.
(فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر مرحباً) أي أتيت محلاً رحيباً من الأرض [١/ ٤٥٢] لا ضيق فيه (وأهلاً) أتيت أهلاً لا أجانب فالرحابة في المكان لما يأتي من أنه يتسع له مد بصره والأهل ما يصحبه من عمله الصالح (أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إليَّ) فإن الله جعل للمؤمن وداد محبة حتى عند الجمادات حقيقة كما أسلفنا في حديث حب جبل أحد له - صلى الله عليه وسلم - (فإذ وليتك) هو من ولي الشيء صارت له ولاية عليه وسلطان أي إذا صرت متصرفاً فيك يجعل الله ذلك إلى (اليوم وصرت إلى) نزلت بي وصرت وطنك (فسترى صنيعي بك) وذلك أنه تعالى يأمر بحسن الصنيع وهو فعل المعروف (فيتسع له مَدَّ بصره) هو تفصيل لمجمل ما قبله (ويفتح لي باب إلى الجنة) يشاهدها من قبره وقد زاد في رواية البراء أخرجها ابن أبي شيبة في حديث طويل: "فيأتيه من طيبها وروحها ويأتيه رجل حسن الوجه والثياب طيب الريح، فيقول له: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول ومن أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: ربِّ أقم الساعة أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي".
(وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر) لعله شك من الراوي وفي رواية ابن أبي شيبة: الكافر بغير شك (قال له القبر لا مرحباً ولا أهلاً أما إنك كنت لأبغض من يمشي على ظهري) فيه أن كل قبر قد تعين لمن هو له وقد عرف القبر ذلك (فإذا أوليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك) عبر بالصنيع مشاكلة وإلا فإنه لا