١٩٦٦ - "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة"(م) عن أبي هريرة (صح).
(إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار).
إن قلت: الأعمال الصالحة سبب للخاتمة الصالحة كما دل له {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٥ - ٧] الآية، في الأمرين وقوله:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[الأنعام: ١١٠].
قلت: ليس المراد يعمل بعمل أهل الجنة أو بعمل أهل النار في نفس الأمر وحقيقته ولكن فيما يظهر للناس كما صرح بهذا القيد الحديث الأول إلا أنه يبعد هذا ما عند الشيخين في معناه من حديث ابن مسعود: "وأنه يكتب رزق العبد وأجله وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها". ومثله ذكر في العامل بعمل أهلها ثم يختم له بعمل أهل الجنة فإنه يشعر بأنه عمل بالنظر إلى الحقيقة لا أنه باعتبار ما يراه الراءون إلا أن يقال لو كان صالحاً مقبولاً ما تخلف عن سبب حسن الخاتمة أو طالحاً غير مقبول لما تخلف عن قبحها فما ذاك إلا أنه عمل مدخر له غير صالح وسبق الكتاب بحسن الخاتمة أو قبحها متفرع عما علمه الله من اختياره للحسن والقبيح وسبق الكتاب قد دل أنه لا يخلص أعماله عن شائبة عدم القبول فلا تكون سبب لإحسان خاتمته والعكس في السيئات فإن سبق الكتاب" قد دل على إنه وإن ارتكب القبائح ففيه من الخير جزء يجذبه إلى خاتمة الخير باختياره وحاصله منع أن من ختم له بشر خلص له عمل صالح ومن ختم له بخير يخلي