للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أسباب الخير وقد أرشد إليه الحديث فإنه أفاد أن كلاً من العاملين قد قرب إلى أحد الدارين ولن يستحق أن يكون من أهلها وما ذاك إلا لعائق عاقه هو عدم خلوص طاعته في الأول وعدم خلوه من الخير في الآخر فالأعمال قد قربت كل واحد من أحد الدارين ولما نجح ثم غلب الجزء الخيري لفاعل المقبحات فختم له بخير وبعده عن النار وغلب الجزء الشري لفاعل الطاعات فختم له بشر وبعده عن الجنة ولا يهلك على الله إلا هالك قال ابن القيم (١): واعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه ما سمع بهذا ولا علم به ولله الحمد وإنما تكون بفساد في العقيدة أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة فيأخذه قبل صلاح الطوية ويفطم قبل الإنابة فيظفر به الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله، يقال: كان بمصر رجل يلازم مسجداً للآذان والصلاة وعليه بهاء الطاعة وأنوار العبادة فرقى يوماً المنارة على عادته للآذان وكان تحت المنارة داراً لنصراني، فرأى ابنة النصراني فافتتن بها وترك الأذان ونزل إليها، ودخل الدار عليها، فقالت: ما شأنك وما تريد؟ قال: أريدك، قالت: لماذا؟ قال: قد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي، قالت: لا أجيبك إلى ريبة، قال: أتزوجك، قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك، قال: أتنصر، قالت: إن فعلت أفعل، فتنصر الرجل ليتزوجها وأقام معهم في الدار، فلما كان في أثناء الليل رقا إلى سطح وكان في الدار فسقط منه فمات ولم يظفر بها وفاته دينه. ذكر هذه القصة ابن القيم في كتابه الجواب الشافي (٢). (وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم عمله بعمل أهل الجنة) قد


(١) الجواب الكافي (ص: ١١٨).
(٢) المصدر السابق (ص: ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>