الحث على هاتين الكلمتين والتلفظ بهما وقد سلف البحث فيهما. (الضياء (١) عن أنس) رمز المصنف لصحته.
١٩٦٩ - "إن الرجل ليحرم الرزق بذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر"(حم ن هـ حب ك) عن ثوبان (صح).
(إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) اعلم أن الذنوب مانعة لكل خير جالبة لكل شر فمن الخير الذي يمنعه الرزق فإنها تحول بينه وبين العاصي والمراد به هنا الحلال لا لما ذهب إليه من قال: إن الحرام لا يسمى رزقا، فإن الأصح تسميته رزقا لغة بل لأن المراد بالرزق هنا ما يكون به سبب طيب الحياة وطهارة القلب وسلامة الجوارح وانبعاثها في الطاعات وذلك ليس إلا الرزق الحلال فإن الحرام إنما يعمي القلب ويثبط الجوارح عن الطاعات ويطلق عنانها في المعاصي إذا عرفت هذا عرفت اندفاع ما يقال: كم من عاص قد وسع عليه في الدنيا ونال شهواته ورب تقي في أضيق عيش، ولأن المراد به الذي يقنع به العبد عن الهلع وتقر به عينه وإن كان قليلاً في نفسه فرب مقل قرير العين بإقلاله طيب الخاطر ورب مكثر ملتهب الأحشاء يرى كثير ما عنده قليلًا، ومن الرزق الذي تمنعه الذنوب رزق العبد العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور كما أفاده قوله تعالى في بعض بني إسرائيل عند عدّ عقوباتهم:{وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٣] وهذا في نسيان ما علموه، وقال:{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[الأنعام: ١١٠] فحرموا فقه الوحي لكفرهم أولا ومنه قول الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال: اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتيه عاصي
(١) أخرجه الضياء في المختارة (٢٣٠٠)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١٤٦١).