للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن الرزق الذي تحرم العبد العاصي فعله الطاعات فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة يكون بذله ويقطع طريق طاعة أخرى ويقطع عليه طريقا ثالثة ورابعة وهلم جرا فيقطع عليه طاعات كثيرة كل واحدة خير له من الدنيا وما فيها، وما مثاله إلا رجل أكل أكلة أوجبت له مرضا طويلاً منعه عن عدة أكلات أطيب منها.

ومن الرزق الذي تحرم المعاصي العبد قصر العمر ومحق بركته فإن البر كما يزيد في العمر كما أفاده آخر الحديث، وعدة أحاديث في معناه كذلك الفجور ينقصه، وقد اختلف هل ينقصه حقيقة أو يمحق بركته على قولين: أو نقصان حياة قلبه فإن الحياة الحقيقية هى حياة القلب ولذلك قال تعالى في الكفار أنهم {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل: ٢١] فليس عمر الإنسان أوقات حياة قلبه بالله والحق إن النقص يكون بالأنواع كلها لبعض وببعضها لبعض. (ولا يرد القدر) ما سبق به قدر الله تعالى على العبد. (إلا الدعاء) وقدمنا تفسير القدر عن ابن الأثير (١) إنه عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور وفيه حصر في أنه لا يرده إلا الدعاء والجامع في العطف التضاد؛ لأن منع الرزق حرمان ورد القدر بالدعاء عطاء والقدر هنا مطلق غير مقيد بنزول ولا عدمه، وفي حديث عائشة عند ابن حبان "لا يغني حذر من قدر والدعاء يمنع نزل ومما لم ينزل فإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة" (٢).

وهاهنا سؤال، وهو: أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه دعاء العبد أو لم يدع وإن لم يكن قد قدر لم يقع سواء دعا أو لم يدع فاختلف الناس


(١) انظر: النهاية (٤/ ٤١).
(٢) أخرجه الحاكم (١/ ٦٦٩)، ولم أقف عليه عند ابن حبان، والطبراني في الأوسط (٢٤٩٨)، والقضاعي في الشهاب (٨٥٩)، وقال الألباني: حسن في صحيح الجامع (٧٧٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>