للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يستحي واستحياء، يستحي والأول أعلى وأكثر، وهو من الحياء بالمد، وفسروه بأنه. تغير وانكسار يلحق بالمرء من خوف ما يعاب به، أو يذم، وله تفاسير أخرى (فاصنع ما شئت) فيه معنيان مشهوران: أي إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار مما تفعله فافعل ما تحدثك به نفسك من إعراضها حسنًا كان أو قبيحًا، فلفظه: أمر ومعناه تهديد وتوبيخ، وفي معناه قيل: إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقًا وتستحي مخلوقًا فما شئت فاصنع، وهذا الأول، والثاني أن معناه: إذا لم يكن فيما تأتيه عيب ولا نكارة تستحي من إتيانه فاصنعه، فجعل الحياء معيارًا وميزانًا لما يباح للإنسان فعله، وقيل: معناه الإخبار أن من لم يستح فهو يصنع ما يشاء، وفيه: أن الكلام متوارث من النبوة الأولى، يتواصي به الأمم، وينقله الأبناء عن الآباء لعظم مقدار صفة الحياء عند العقلاء، ويحتمل: أنه من كلام الله الذي أوحاه في أهل عصر تلك النبوة، وفيه: تعظيم لقدر صفة الحياء، وأنه الذي يردع من ارتكاب القبيح، وذلك معلوم عند العقلاء، ولذلك قيل:

إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا وأبيك ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

(ابن عساكر في تاريخه عن أبي مسعود البدري (١)) اسمه: عقبة بن عامر الأنصاري ونسب إلى بدر لأنه نزل بها لا أنه شهد وقعة بدر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أنصاري خزرجي صحابي جليل توفي بالكوفة سنة إحدى أو اثنتين وأربعين (٢)، وسكت المصنف عليه، وإسناده ضعيف لضعف فتح المصري أحد رواته (٣)،


(١) أخرجه ابن عساكر (٥٣/ ١١٩) وفي إسناده سويد بن سعيد وهو الحدثاني، قال الحافظ في "التقريب" (٢٦٩٠) صدوق في نفسه إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول.
(٢) انظر: الإصابة (٤/ ٥٢١).
(٣) هو: فتح بن نصر المصري الفارسي، قال الدارقطني: ضعيف متروك. انظر: ميزان الاعتدال (٤/ ٤١١) ط العليمة، لسان الميزان (٦/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>