للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك زيادة المغيرات خلق الله، وقد استشكل هذا الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالحناء، وقال: إنه صبغ للبدن كصبغ الوشم وتغيير لخلق الله أيضًا, ولم يجب عنه, قلت: ولك أن تجيب عنه بالتفرفة بأن الحناء والاختضاب به ما هو إلا كلبس ثياب الزينة يعلو وثم يزول، فلا تغيير فيه لخلق الله بخلاف الوشم، فإنه لا يزول من البدن أبدًا, ولأنه لا يحصل إلا بالإسلام الشديد، وإن كان الحديث لم يتعرض للتعليل به فمعلوم أنه منهي عنه إلا لحاجة إصلاح البدن بإزالة ما يؤذيه بقاؤه كالحجامة (ولاوي الصدقة) اسم فاعل من لوي يلوي إذا منع أي مانع صدقة الفرض؛ لأنها المراد عند الإطلاق (والمرتد أعرابيًّا بعد الهجرة) بالعين المهملة والراء نسبة إلى الأعراب، وهم سكان البادية، وفي النهاية (١): أن التعريب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية، ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرًا، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد (ملعونون على لسان محمد يوم القيامة) هو خبر أكل الربا وما عطف عليه، أي مبعدون عن رحمة الله في يوم القيامة، وهو وعيد شديد، فإنَّ يوم القيامة يرجى فيه الرحمة، ويكون لله تعالى فيه تسعة وتسعون رحمة، فإذا لعنوا في ذلك اليوم فهو أشد الوعيد، وهو يحتمل أنه أريد بلعنه هو صلى الله عليه وسلم لهم، أو بأنه يخبر أن الله تعالى لعنهم، ويأتي الاحتمالان في قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ ...} الآية. [المائدة: ٧٨].

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: يحتمل هذا وأمثاله مثل قوله: "لعن الله السارق" (٢)،"لعن الله من غيَّر منار الأرض" (٣)، على أن ذلك ليس دعاء منه صلى الله عليه وسلم بالإبعاد، بل إخبار بأنَّ الله تعالى لعن هؤلاء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لعَّانًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم:


(١) النهاية (٣/ ٢٠٢).
(٢) سيأتي برقم (٧٢٤٢).
(٣) سيأتي برقم (٧٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>