قلت: أُطْرِدَ هذا التقدم في كتاب الله سبحانه: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا}[لأعراف: ٢٣]، {واغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا في رَحْمَتِكَ}[الأعراف: ١٥١]{رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ}[المؤمنون: ١١٨]{فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}[الأعراف: ١٥٥].
فالجواب: أن الرحمة قسمان رحمة عامة شاملة لكل كائن وهي المرادة في قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}[الأعراف: ١٥٦]، وبقوله عن ملائكته:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رحْمَةً وَعِلْمًا}{غافر: ٧] فهذه الرحمة العامة قد أعطاها تعالى عباده ووسعتهم وبسببها فتح لهم الباب إلى سؤاله ودلهم على ما يقربهم إليه كما أشار إليه: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ}[الأعراف: ٤٣]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧] ودعاهم إلى دعائه {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠] فما أحد إلا وله من الرحمة العامة جزء موفور، فإذا عرفت هذا علمت أنه سبحانه قد أعطى عباده الرحمة فهم بين قابل لها وراد لها كالكافر لم يقبلها فالمسئول هنا هو الرحمة الخاصة الكائنة بعد المغفرة وهي التي ينزل الله بها عباده غرف الجنان وهي التي أشار إليها في قوله:"لا أحد يدخل الجنة بعمله"، قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" فهذه رحمة وراء المغفرة فالمغفرة سترت الذنوب وتجنب العبد من العذاب وبالرحمة الخاصة يدخل الجنة، وبه يعرف أن عطف قوله:"وأدخلني الجنة" كالتفسير لهما والله أعلم. (طب)(١) عن السائب بن يزيد) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وفيه ضعف.
٣١١٣ - "بحسب أصحابي القتل". (حم طب) عن سعيد بن زيد.
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (٧/ ١٥٤) رقم (٦٦٧٠)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (١٠/ ١٨٠)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٢٣٢٢).