للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أصلاً، والحاصل: أن قوله: دخل الجنة إن أريد قبل العقاب، وأنه يدخل مع السابقين، كان للاستفهام وجه واضح وإن أريد يدخل الجنة بعد العقاب فلا يتم الاستفهام إلا بناء على أنه صلى الله عليه وسلم كان حاكمًا بأنه لا يدخل الجنة من أتي الكبائر، ومات ولم يتب عنها، ويتعين حمله على هذا الأخير، إذ لو حمل على الأول وأنه يدخل الجنة مع الأولين لكان دليلاً لأهل الرَّجاء الأكبر القائلين بأنه لا يضرّ مع الإيمان معصية، مع أنه قول مرذول مردود، ولا بعد في أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتقد أنه من مات على الكبائر يخلد في النار لعظمة ما أتاه في حق الله، وهتكه لحجاب الأمر والنهي، ثم أعلمه الله سعة رحمته، وإن كان يعكر عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب عند السياق: "قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله" (١)، فإنه يدل على أنه يعلم أن لهذه الكلمة نفعًا في الآخرة، وإن مات صاحبها على الكبائر، إلا أن يقال أراد من أبي طالب التوبة من كل كبيرة، والله أعلم بمراده تعالى ومراد رسوله، والحديث فيه بشرى عظيمة، وقد روي أيضاً عن أبي الدرداء، أخرجه عنه أحمد والطبراني والذهبي في ترجمة عطاء بن أبي يسار في الميزان ورجال الذهبي رجال الصحيحين، قال السيد محمد بن إبراهيم مشيراً إلى الحديثين:

برغم أبي الدرداء أو رغم أبي ذر، تواترت البشرى وصرح بالسر وخلده الحفاظ في كل مسند، وصارت به الركبان في البر والبحر فإنه ورد بلفظ: "على رغم أبي ذر" أخرجه الشيخان، وورد بلفظ: "على رغم أبي الدرداء" أخرجه من ذكرناه آنفا (حم ت ن حب عن أبي ذر) (٢) بفتح المعجمة بعدها راء اسمه جُندب بضم الجيم فنون ساكنة، فقال مهملة مفتوحة، آخره موحدة، ابن جُنادة


(١) أخرج هذا الحديث بطوله: البخاري (٣٨٨٤)، والنسائي (٤/ ٩٠)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢/ ٤٢)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٠/ ٣٤٩)، ومسند الشاميين (٤/ ١٧٣).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ١٦١) والبخاري (٦٤٤٣) ومسلم (٩٤) والترمذي (٢٦٤٤)، وابن حبان (١٦٩، ١٧٠)، والنسائي في الكبرى (١٠٩٥٥). وهو في الجمع بين الصحيحين للحميدي (٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>