الكسب المتأخر عن الآية ما لم يتقدم مثله قبلها وهو ... (١) واعترض بأنه خلاف القاعدة المعلومة شرعًا السالمة عن التخصيص، والتخصيص بالمحتمل غير صحيح لأنه علم شرعًا أنه لا ينفع كسب الخير بعد طلوع الآية سواء تقدمه كسب خير أو لا والسعد بتأويله جعله نافعًا إن تقدمه كسب في الإيمان قبل ظهورها، قال المعترض وإن أردت المطابقة التامة بين الآية وبين ما علم من الأحاديث حملت الخير الذي ظاهره العموم على الخصوص أعنى التوبة عن ما عدا الكفر فيكون معنى الآية لا ينفع نفسا بعد الآية توبتها عن الكفر ما لم تكن تابت عنه قبيل ذلك ولا تنفعها توبتها عن سائر المعاصي بعد الآية ما لم تكن تابت عنها قبلها قال: وليس فيه من البعد إلا حمل العام على الخاص وأكثر الكلام كذلك كما قيل كل عموم مخصوص انتهى.
قلت: ويظهر لي أن الأقرب أنه أريد لا ينفع نفسا إيمانها لم تتصف بالإيمان المجرد عن العمل من قبل [٥/ ٣٤٦] إذ لم تتصف بالإيمان المصحوب بكسب الخير فإذا كانت من قبل اتصفت به مجرداً أو مصحوباً بالكسب الخير فإنه ينفعها إيمانها بعد ظهور الآية العام وهو المجرد أو الخاص وهو المصحوب بكسب الخير والآية من عطف الخاص على العام وهو كثير كتابا وسنة وله نكت في باب البلاغة فلا يقال: لو أريد لكفى قوله آمنت إذ يعلم أنها إذا آمنت وكسبت خيراً كان النفع بالأولى وقرينته تقدير الإيمان في الأخير ما علم من الشريعة أنه لا قربة لكافر، وحاصله أنه نفى عدم نفع الإيمان بعد ظهور الآية ما لم يتقدمه إيمان مجرد أو إيمان مصحوب بكسب الخير وهذا أقرب الاحتمالات إذا لم يكن متعيناً؛ لأنه إن أريد بقوله آمنت الإيمان الخاص أي المصحوب بالعمل فلا فائدة لقوله {أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً}[الأنعام: ١٥٨] بخلاف إذا أريد به