أصعب فإنه لا يتقي فيه إلا من عمل بعلمه أوله وللعلم بتأويل المرزوق الدال عليه رزقه، ويؤيده أن العناية وقعت في نفيه الثلاث الآخر والضمائر فيه (مخافة ربه) أي مخافة عقابه بسبب ما أعطاه إذا لم يشكر نعمته بأن ينفق من المال في وجوه الخير ويعمل بما علمه الله. (ويصل فيه رحمه) أي بسبب ما أعطاه من المال الذي به تبل الرحم ومن العلم الذي به يعرف حقها ففاء للسببية. (ويعلم لله فيه حقاً) أي يعلم أنه من فضله وأنه يجب شكر نعمته فيتصدق من ماله ويقرض منه ويعين في وجوه البر فالمراد يعلم ويعمل وإنما حذفه للعلم بأنه لا يعد عالماً من لم يعمل، واعلم أنه عم أولاً بقوله:"يتقي فيه ربه" ثم خص من أفراد التقوى صلة الرحم ثم عم ثانياً بقوله: "ويعلم لله فيه حقاً". (فهذا) المتصف بما ذكرناه. (بأفضل المنازل) أي نازل أو كامل عند الله. (وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان) هذا الثاني وقد رزقه أحد الخيرين وهو عامل بعلمه لما تقدم ولأن هذه النية الصادقة دليل عمله الصالح. (فهو بنيته) أي معروف بها معامل على قدرها. (فأجرهما سواء) أي أجر العالم العامل المنفق وأجر العالم الذي لا مال له ينفقه لكنه عازم بأنه لو كان لأنفقه مستويان لأنهما قد استويا في العلم واستويا في الإنفاق، الأول بالإخراج حقيقة والثاني بالنية الصادقة فقد جعل أجر النية الصادقة كأجر العامل الجامع بين النية والإخراج.
إن قلت: قد ثبت أن من همّ بالحسنة والمراد نوى إخراجها كانت له حسنة فإن أخرج ما همّ به كانت عشراً فكيف سوى هنا بين من نوى الإخراج وبين من تحقق منه.
قلت: هذا يدل على أن من كان صادق النية في فعل أي خير ومنعه عنه مانع عدم الاستطاعة أنه مثل من استطاع في الأجر وهذا مقتضى فضل الله وعدله؛