للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه ما عاق صادق النية إلا أنه تعالى ما أوسع عليه في العطاء فما امتنع عنه إلا لعائق القدر ويدل له حديث: "إن في المدينة أقواماً ما نزلنا منزلاً ولا هبطنًا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر" (١) قاله - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته فقد جعل المعذورين مع المستطيعين وعليه قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمجَاهِدُونَ ...} الآية. [النساء: ٩٥] فإنه استثنى أولى الضر وجعلهم كالمجاهدين. وبعد هذا يعلم أن حديث الهم بالحسنة لمن يستطيع فعلها.

إن قلت: يشكل عليه حديث: "ذهب أهل الدثور بالأجور ... " (٢) وقوله - صلى الله عليه وسلم - للفقراء: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ... " (٣) الحديث في فضل الذكر عقيب الصلوات فإنه دل على تقرير ذهاب ذو اللسان المنفقين [٢/ ٣٤٨] بالأجر وزيادة أجورهم لاتفاقهم.

قلت: يحتمل أنه وقع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - قبل إعلام الله له بأن أجر ذي النية الصادقة والمنفق سواء، ويحتمل أن المراد هنا أنهما سواء في أجر نفس النية والمنفق أكثر أجراً بزيادة النفقة على النية وأنه يلاقي حديث: "من همَّ بحسنة كتبت له حسنة، فإن فعلها كتبت عشرة" (٤) فكل هنا من الغني والفقير قد استويا في النية وافترقا في الإخراج إلا أن هذا خلاف ما سيق له الحديث هنا فإنه ظاهر في المساواة من كل وجه وقوله: (وعبد) هذا هو الثالث. (رزقه الله مالا ولم يرزقه علمًا) فهو. (يخبط في ماله) أي يتصرف فيه تصرفًا بغير علم. (لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقاً) بيان تخبطه في ماله. (فهذا) الخابط في ماله. (بأخبث المنازل) أي عند الله تعالى؛ لأنه أعطي نعم ما قام بحقها وفيه أن المال


(١) أخرجه البخاري (٢٨٣٩، ٤٤٢٣)، ومسلم (١١٩١).
(٢) أخرجه البخاري (٨٠٧)، ومسلم (٥٩٥).
(٣) أخرجه مسلم (٥٩٥).
(٤) أخرجه مسلم (١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>